ها قد أشرفت على انتهاء رشفتها الصباحية .. تتأمل الشرفات الحزينة وهي باسمة والمقاعد الصامتة في ساحة البناية ... تلحفت بأوراق الصنوبر الهاربة مع الرياح وفي وسط الساحة هناك رقص ولهو ... وعناق أوراق الصنوبر تلتف حول نفسها وتهرب وتختبئ ثم تعود لرقصها عند عودة الرياح وها قد مر وقتٌ وهي تنتظر استيقاظ ابنها لتودعه قبل خروجه للمدرسة . فلم تعد أوراق الصنوبر تسليها وتنسيها انتظارها .
زمجر ابنها قائلاً : ((كم الساعة الآن)) أجابت : ((أنها السابعة)) فقفز من فراشه وسار مترنحاً ، وما ان وصل إلى مقعدها ، أحست انه سيفاتحها بنفس الموضوع فقال: ((اليوم سأسافر ولن احفل بإصرارك . أراك تدمرين حلمي ومستقبلي .. تعرفين ان هذا الطريق سيستبدل عيشتي هذه بحياة الرفاهية .. افف ليتك تفهمين أرجوك تخلي عن ذلك الخوف فما بقي لي غير هذا القرار)) ... أجابت : (( أتقصد قرار الهلاك)). نظر لها باستخفاف ولم يجب ، راح يوضب إغراضه وما ان اقفل الباب ورائه ...
عادت ام يمام لتتأمل الرقص .. وها هو ينتهي الشهر ورقصات الساحة تزداد سرعة وصفير الرياح يعلو كل ليلة وجدران البيت تصرخ في صمت المكان وام يمام تخفي شوقها المتشرد مع الرياح ففي غفلات عيونها الناعسة تلمع الأيام القادمة وتتمسك في دمعتها لتسلك خداها الهرمتان . يشدها نداء لطريق روحها تركض ام يمام في رواق المشفى ... هلع استعمر كل كيانها الضعيف .... لا تسمع سوى لهيثها .... وأمام عيناها تمر صور الأمس الجميل .. تتذكر.. .. حينما سار يمام خطوته الأولى دون ان يقع ... حينما ظهرت أسنانه... حينما تعلم ان يكتب أمي.... حين بكى من الم جرحه.... وحين خاف من لمس الدمية.... تصطدم في جدار الفاجعة عندما أشار الطبيب لها بموته ,
توارى يمام في رحم الأرض وعبرات تروى قبره .... ام يمام تغوص في شرايين الحزن وفي وريده المتفجر .....
تحملها نزعات الذكرى لمقعده في الصف .... كل الطلاب رحلو وبقي المكان وقصاصات الورق ، تتجلى ام يمام بين المقاعد تلبس الأبيض وشعرها الشائب يهيج في نفخى السماء الملبدة ... والبرد يصفع ضعف جسدها ..... ففي سجود الشمس بقي الظلام متمتعاً بازدياده ... وأم يمام تتحسس مقعده في ظلمة الصف وتمسح حريق دمعتها ..
تُركت وحيدة كما ترك يمام مقعدة وذهب وراء وعود رفاقه وأوهامهم بقيت وحيدة كما بقي مقعده ينتظر لهفة يمام للإجابة ولهفته للجد .
قاطع صمت المكان صوت يمام ! يصرخ من مقعده هلعت ام يمام صوت يمام في كل مكان .... صوت يمام يتفجر من جدران الصف ... من مقعده .. من كراسته ... من ممرات المدرسة صوت غرغرة روحه وشهيقه الأخير...وكلام وأصوات وهمسات ..... وجنون أصاب ام يمام وهي تشد خصلات شعرها الشائب وتصرخ في عمق الظلام: (( كفى ... كفى... كفى.... بني لا تعذبني أكثر.... ويلتي قد ابت عيناك الرحيل عني .... ويلتي قد ابت قسوتك الرحيل عني ... اتركني احبك كما أشاء ... فهذه الحرب الأخيرة بيني وبين زمجرتك الصباحية )).
زاد صراخ المقاعد وزاد صراخ قبره وزاد جنون ام يمام .......... فهربت من طفولته .. .... هربت من بلوغه.... هربت من موته المستمر . وما ان خرجت للشارع وإذ برجال يقودوها لسيارة ويكبلون يداها ويرموها في مشفى وهم يتمتمون في حسرة (( خسارة لقد جُنت
زمجر ابنها قائلاً : ((كم الساعة الآن)) أجابت : ((أنها السابعة)) فقفز من فراشه وسار مترنحاً ، وما ان وصل إلى مقعدها ، أحست انه سيفاتحها بنفس الموضوع فقال: ((اليوم سأسافر ولن احفل بإصرارك . أراك تدمرين حلمي ومستقبلي .. تعرفين ان هذا الطريق سيستبدل عيشتي هذه بحياة الرفاهية .. افف ليتك تفهمين أرجوك تخلي عن ذلك الخوف فما بقي لي غير هذا القرار)) ... أجابت : (( أتقصد قرار الهلاك)). نظر لها باستخفاف ولم يجب ، راح يوضب إغراضه وما ان اقفل الباب ورائه ...
عادت ام يمام لتتأمل الرقص .. وها هو ينتهي الشهر ورقصات الساحة تزداد سرعة وصفير الرياح يعلو كل ليلة وجدران البيت تصرخ في صمت المكان وام يمام تخفي شوقها المتشرد مع الرياح ففي غفلات عيونها الناعسة تلمع الأيام القادمة وتتمسك في دمعتها لتسلك خداها الهرمتان . يشدها نداء لطريق روحها تركض ام يمام في رواق المشفى ... هلع استعمر كل كيانها الضعيف .... لا تسمع سوى لهيثها .... وأمام عيناها تمر صور الأمس الجميل .. تتذكر.. .. حينما سار يمام خطوته الأولى دون ان يقع ... حينما ظهرت أسنانه... حينما تعلم ان يكتب أمي.... حين بكى من الم جرحه.... وحين خاف من لمس الدمية.... تصطدم في جدار الفاجعة عندما أشار الطبيب لها بموته ,
توارى يمام في رحم الأرض وعبرات تروى قبره .... ام يمام تغوص في شرايين الحزن وفي وريده المتفجر .....
تحملها نزعات الذكرى لمقعده في الصف .... كل الطلاب رحلو وبقي المكان وقصاصات الورق ، تتجلى ام يمام بين المقاعد تلبس الأبيض وشعرها الشائب يهيج في نفخى السماء الملبدة ... والبرد يصفع ضعف جسدها ..... ففي سجود الشمس بقي الظلام متمتعاً بازدياده ... وأم يمام تتحسس مقعده في ظلمة الصف وتمسح حريق دمعتها ..
تُركت وحيدة كما ترك يمام مقعدة وذهب وراء وعود رفاقه وأوهامهم بقيت وحيدة كما بقي مقعده ينتظر لهفة يمام للإجابة ولهفته للجد .
قاطع صمت المكان صوت يمام ! يصرخ من مقعده هلعت ام يمام صوت يمام في كل مكان .... صوت يمام يتفجر من جدران الصف ... من مقعده .. من كراسته ... من ممرات المدرسة صوت غرغرة روحه وشهيقه الأخير...وكلام وأصوات وهمسات ..... وجنون أصاب ام يمام وهي تشد خصلات شعرها الشائب وتصرخ في عمق الظلام: (( كفى ... كفى... كفى.... بني لا تعذبني أكثر.... ويلتي قد ابت عيناك الرحيل عني .... ويلتي قد ابت قسوتك الرحيل عني ... اتركني احبك كما أشاء ... فهذه الحرب الأخيرة بيني وبين زمجرتك الصباحية )).
زاد صراخ المقاعد وزاد صراخ قبره وزاد جنون ام يمام .......... فهربت من طفولته .. .... هربت من بلوغه.... هربت من موته المستمر . وما ان خرجت للشارع وإذ برجال يقودوها لسيارة ويكبلون يداها ويرموها في مشفى وهم يتمتمون في حسرة (( خسارة لقد جُنت