خطاب نتنياهو يستجيب لتوقعات الإدارة الأمريكية والأنظمة العربيّة التي تدور في فلكها
بقلم: زاهر بولس
17.6.2009
*ألقى الرئيس الأمريكي براك اوباما خطابه في القاهرة معلنًا عن التوجه الاستراتيجي على المستوى العالمي للفترة المقبلة لإدارته، وترك الأمور التفصيليّة لحلفائه والأنظمة الدائرة في فلكه أن تحدد إستراتيجيتها الإقليمية*
*كل فعل ورد فعل لدى الوكلاء الإقليميين يجب أن يتساوق مع الإستراتيجية الأمريكية*
*من نسّق الحرب على غزّة وبرمج ردود فعل الأنظمة العربيّة خلالها، لن يعجز أو يترفع عن برمجة تصفية القضيّة الفلسطينيّة "سلميًّا- تفاوضيًّا"! وبرمجة رد الفعل العربي الرسمي*
*الدولة الفلسطينيّة لا تتجاوز كونها تعبيرًا لغويًّا ماهيته "كانتونات"*
هنالك من يعتقد أن خطاب نتنياهو "معادٍ ومناقض حتى لموقف إدارة اوباما من التسوية"! مما يستوجب الرجوع إلى نص خطاب اوباما بما يتعلق بالدور الإسرائيلي الإقليمي في الشرق الأوسط عامّة، وحل الصراع العربي- الإسرائيلي على وجه الخصوص.
لقد ألقى الرئيس الأمريكي براك اوباما خطابه في القاهرة معلنًا عن التوجه الاستراتيجي لإدارته على المستوى العالمي للفترة المقبلة، وترك الأمور التفصيليّة لحلفائه والأنظمة الدائرة في فلكه أن تحدد إستراتيجيتها الإقليمية، والتي هي بمثابة المستوى العمليّاتي والتكتيكي بالنسبة للإستراتيجية العالميّة للولايات المتحدة. وكل فعل أو رد فعل لدى الوكلاء الإقليميين يجب أن يتساوق مع الإستراتيجية الأمريكية. وفي هذا السياق فإن حكومة نتنياهو وسلطة محمود عبّاس- دايتون ونظام مبارك المصري ونظام دكتاتور الأردن الملك عبد الله الثاني وغيرهم، هم الوكلاء الإقليميون الشرق أوسطيّون. وكل انفعال نظامي يندرج ضمن ترتيب الأدوار، ويبقى ما طرحه بيبي نتنياهو في خطابه يوم الأحد 14.6.2009 في مركز بيغين- السادات في جامعة بار ايلان هو ما تم الاتفاق عليه مسبقًا بين الوكلاء وسيّدهم من اجل تصفية القضيّة الفلسطينيّة ومنع عودة اللاجئين، ولا يستغربنّ احد هذا التنسيق في خضم تناقض ردود الفعل، فمن نسّق الحرب على غزّة وبرمج ردود فعل الأنظمة العربيّة خلالها، باعتراف وزير الأمن الإسرائيلي ايهود براك، لن يعجز أو يترفع عن برمجة تصفية القضيّة الفلسطينيّة "سلميًّا- تفاوضيًّا"! وبرمجة رد الفعل العربي الرسمي. لكن شتّان ما بين البرمجة ونجاح نتائجها.
لقد حدد نتنياهو في خطابه المحاور الثلاثة الإقليمية التي على إسرائيل والأنظمة العربيّة الرجعيّة المذدنبة معالجتها على مستوى الإقليم:
1- التهديد النووي الإيراني
2- الأزمة الاقتصاديّة
3- تحريك عجلة "السلام"! في المنطقة
وسوف أتركّز في المحور الثالث رغم العلاقة الجدليّة ما بين ثلاثتهم.
لقد أطلق اوباما في خطابه الذي ألقاه في القاهرة (4.6.2009) على الصراع العربي- الإسرائيلي تسمية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، تمهيدًا لاقتراح نتنياهو بتوطين اللاجئين في الدول العربيّة، وجلّ ما صرّح به كان: "حق الفلسطينيين بدولة خاصة بهم" على المستوى الاستراتيجي العالمي، ليقدم نتنياهو استراتيجيّة إسرائيل، والتي هي المستوى العمليّاتي والتكتيكي بالنسبة للولايات المتحدة، بالنسبة لرؤية حل الصراع. وقد حددها بالنقاط، متضمّنة الشروط التالية:
1- اعتراف فلسطيني علني ومُلزم بإسرائيل كدولة قوميّة للشعب اليهودي (حتى مع عجز إسرائيل نفسها عن تعريف من هو اليهودي دينيّا أو قوميّا!).
2- حل قضيّة الفلسطينيين خارج "حدود دولة إسرائيل" دون أن تُحدّد إسرائيل حدود دولتها! في إشارة إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، وحتى ليس في حدود الرابع من حزيران 1967، إلا في أماكن محدودة منها ربما.
3- نزع السلاح: في كل اتفاقيّة "سلام" يجب نزع السلاح من "المناطق التي في أيدي الفلسطينيين" (ولا يتحدّث عن دولة أو حتى سلطة) لتكون "دون جيش، ودون سيطرة على الأجواء، مع رقابة فاعلة لمنع إدخال السلاح...!" (عن نص الخطاب العبري الذي نشر في موقع واي- نت بتاريخ 14.6.2009)، مما يقارب نموذج حصار غزّة اليوم.
4- القدس "عاصمة إسرائيل الموحّدة!".
يقول نتنياهو في خطابه:
"قلت في واشنطن للرئيس اوباما، إذا اتفقنا على الماهيّة فالتعبير اللغوي لن يكون مشكلة"، بمعنى، إذا اعترف الفلسطينيّون بإسرائيل كدولة اليهود! عاصمتها القدس "الموحّدة" دون عودة اللاجئين إلى "حدود دولة إسرائيل" غير معرّفة الحدود، والمناطق "التي في أيدي الفلسطينيين" تكون منزوعة السلاح، محاصرة كحصار غزّة اليوم، لئلا يُهرّب السلاح! فلا مانع لدى إسرائيل، بيمينها ويسارها، من أن تدعو هذه الدولة المسخ، الكانتونات، باسم الدولة الفلسطينيّة المستقلّة، حدود نفوذ السلطة الوطنيّة فيها وصلاحيّات "النظام الرئاسي" لا يتجاوز محافظة رام الله...! وهذا من إسقاطات الخيانة الساداتيّة في كامب ديفيد وسقفها الأعلى المتمثل بالحكم الذاتي الفلسطيني والتي لا يزال النظام المصري ملتزمًا بها ويعمل على تنفيذها.
الأنظمة العربيّة الدائرة في فلك الولايات المتحدة صفّقت لخطاب اوباما وهي عليمة أن لا جديد في توجهاته سوى حشو الخطاب بإطراءات للعرب والمسلمين، وها هي تتهم نتنياهو بأنه نسف "الآفاق الجديدة التي فتحها خطاب اوباما"، ليليها تصريح اوباما بإعجابه بخطاب نتنياهو، ومن ثم استقبال نتنياهو في العواصم العربيّة بعد أن ذكر حل الدولتين بحسب الماهيّة التي حددتها إسرائيل للدولتين، لتليها مفاوضات عبثيّة مطوّلة، يخططون خلالها ضرب كل من يتجرّأ أن يغرّد خارج السرب الموالي للهيمنة العالميّة الأمريكية.
وأخيرًا، تبقى المقاومة هي العنوان، وهذه المرحلة اخطر من سابقاتها.
بقلم: زاهر بولس
17.6.2009
*ألقى الرئيس الأمريكي براك اوباما خطابه في القاهرة معلنًا عن التوجه الاستراتيجي على المستوى العالمي للفترة المقبلة لإدارته، وترك الأمور التفصيليّة لحلفائه والأنظمة الدائرة في فلكه أن تحدد إستراتيجيتها الإقليمية*
*كل فعل ورد فعل لدى الوكلاء الإقليميين يجب أن يتساوق مع الإستراتيجية الأمريكية*
*من نسّق الحرب على غزّة وبرمج ردود فعل الأنظمة العربيّة خلالها، لن يعجز أو يترفع عن برمجة تصفية القضيّة الفلسطينيّة "سلميًّا- تفاوضيًّا"! وبرمجة رد الفعل العربي الرسمي*
*الدولة الفلسطينيّة لا تتجاوز كونها تعبيرًا لغويًّا ماهيته "كانتونات"*
هنالك من يعتقد أن خطاب نتنياهو "معادٍ ومناقض حتى لموقف إدارة اوباما من التسوية"! مما يستوجب الرجوع إلى نص خطاب اوباما بما يتعلق بالدور الإسرائيلي الإقليمي في الشرق الأوسط عامّة، وحل الصراع العربي- الإسرائيلي على وجه الخصوص.
لقد ألقى الرئيس الأمريكي براك اوباما خطابه في القاهرة معلنًا عن التوجه الاستراتيجي لإدارته على المستوى العالمي للفترة المقبلة، وترك الأمور التفصيليّة لحلفائه والأنظمة الدائرة في فلكه أن تحدد إستراتيجيتها الإقليمية، والتي هي بمثابة المستوى العمليّاتي والتكتيكي بالنسبة للإستراتيجية العالميّة للولايات المتحدة. وكل فعل أو رد فعل لدى الوكلاء الإقليميين يجب أن يتساوق مع الإستراتيجية الأمريكية. وفي هذا السياق فإن حكومة نتنياهو وسلطة محمود عبّاس- دايتون ونظام مبارك المصري ونظام دكتاتور الأردن الملك عبد الله الثاني وغيرهم، هم الوكلاء الإقليميون الشرق أوسطيّون. وكل انفعال نظامي يندرج ضمن ترتيب الأدوار، ويبقى ما طرحه بيبي نتنياهو في خطابه يوم الأحد 14.6.2009 في مركز بيغين- السادات في جامعة بار ايلان هو ما تم الاتفاق عليه مسبقًا بين الوكلاء وسيّدهم من اجل تصفية القضيّة الفلسطينيّة ومنع عودة اللاجئين، ولا يستغربنّ احد هذا التنسيق في خضم تناقض ردود الفعل، فمن نسّق الحرب على غزّة وبرمج ردود فعل الأنظمة العربيّة خلالها، باعتراف وزير الأمن الإسرائيلي ايهود براك، لن يعجز أو يترفع عن برمجة تصفية القضيّة الفلسطينيّة "سلميًّا- تفاوضيًّا"! وبرمجة رد الفعل العربي الرسمي. لكن شتّان ما بين البرمجة ونجاح نتائجها.
لقد حدد نتنياهو في خطابه المحاور الثلاثة الإقليمية التي على إسرائيل والأنظمة العربيّة الرجعيّة المذدنبة معالجتها على مستوى الإقليم:
1- التهديد النووي الإيراني
2- الأزمة الاقتصاديّة
3- تحريك عجلة "السلام"! في المنطقة
وسوف أتركّز في المحور الثالث رغم العلاقة الجدليّة ما بين ثلاثتهم.
لقد أطلق اوباما في خطابه الذي ألقاه في القاهرة (4.6.2009) على الصراع العربي- الإسرائيلي تسمية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، تمهيدًا لاقتراح نتنياهو بتوطين اللاجئين في الدول العربيّة، وجلّ ما صرّح به كان: "حق الفلسطينيين بدولة خاصة بهم" على المستوى الاستراتيجي العالمي، ليقدم نتنياهو استراتيجيّة إسرائيل، والتي هي المستوى العمليّاتي والتكتيكي بالنسبة للولايات المتحدة، بالنسبة لرؤية حل الصراع. وقد حددها بالنقاط، متضمّنة الشروط التالية:
1- اعتراف فلسطيني علني ومُلزم بإسرائيل كدولة قوميّة للشعب اليهودي (حتى مع عجز إسرائيل نفسها عن تعريف من هو اليهودي دينيّا أو قوميّا!).
2- حل قضيّة الفلسطينيين خارج "حدود دولة إسرائيل" دون أن تُحدّد إسرائيل حدود دولتها! في إشارة إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، وحتى ليس في حدود الرابع من حزيران 1967، إلا في أماكن محدودة منها ربما.
3- نزع السلاح: في كل اتفاقيّة "سلام" يجب نزع السلاح من "المناطق التي في أيدي الفلسطينيين" (ولا يتحدّث عن دولة أو حتى سلطة) لتكون "دون جيش، ودون سيطرة على الأجواء، مع رقابة فاعلة لمنع إدخال السلاح...!" (عن نص الخطاب العبري الذي نشر في موقع واي- نت بتاريخ 14.6.2009)، مما يقارب نموذج حصار غزّة اليوم.
4- القدس "عاصمة إسرائيل الموحّدة!".
يقول نتنياهو في خطابه:
"قلت في واشنطن للرئيس اوباما، إذا اتفقنا على الماهيّة فالتعبير اللغوي لن يكون مشكلة"، بمعنى، إذا اعترف الفلسطينيّون بإسرائيل كدولة اليهود! عاصمتها القدس "الموحّدة" دون عودة اللاجئين إلى "حدود دولة إسرائيل" غير معرّفة الحدود، والمناطق "التي في أيدي الفلسطينيين" تكون منزوعة السلاح، محاصرة كحصار غزّة اليوم، لئلا يُهرّب السلاح! فلا مانع لدى إسرائيل، بيمينها ويسارها، من أن تدعو هذه الدولة المسخ، الكانتونات، باسم الدولة الفلسطينيّة المستقلّة، حدود نفوذ السلطة الوطنيّة فيها وصلاحيّات "النظام الرئاسي" لا يتجاوز محافظة رام الله...! وهذا من إسقاطات الخيانة الساداتيّة في كامب ديفيد وسقفها الأعلى المتمثل بالحكم الذاتي الفلسطيني والتي لا يزال النظام المصري ملتزمًا بها ويعمل على تنفيذها.
الأنظمة العربيّة الدائرة في فلك الولايات المتحدة صفّقت لخطاب اوباما وهي عليمة أن لا جديد في توجهاته سوى حشو الخطاب بإطراءات للعرب والمسلمين، وها هي تتهم نتنياهو بأنه نسف "الآفاق الجديدة التي فتحها خطاب اوباما"، ليليها تصريح اوباما بإعجابه بخطاب نتنياهو، ومن ثم استقبال نتنياهو في العواصم العربيّة بعد أن ذكر حل الدولتين بحسب الماهيّة التي حددتها إسرائيل للدولتين، لتليها مفاوضات عبثيّة مطوّلة، يخططون خلالها ضرب كل من يتجرّأ أن يغرّد خارج السرب الموالي للهيمنة العالميّة الأمريكية.
وأخيرًا، تبقى المقاومة هي العنوان، وهذه المرحلة اخطر من سابقاتها.