[size=21]تحاصرنا الأشكال الهندسية اللامرئية، نعيش داخلها ولا ندرك أن الحرية هي في تحطيم كل الأشكال والتجرد منها. كثيرون يتنقلون في حياتهم من داخل شكل هندسي إلى آخر من دون شعور، والقلة فقط يدركون الفرق بين هذه الأشكال ويحطمون الحواجز للتحرر منها.
[size=21]الدائرة: يدخل الإنسان الحائر في الدائرة المغلقة ويظل يتحرك من نقطة الصفر إلى نقطة الصفر، كل تقدم هو تراجع للوراء والمشي إلى الأمام هو عودة للخلف، حيث تتصل البداية بالنهاية وتميع الفروق في رحلة لا يمكن لها أن تنتهي إلا إذا انتبه الفرد إلى حيرته النابعة من العقل وقرر أن يغير مصيره وقدره بنفسه، حيث عليه أن يكسر طوق الدائرة وأن يغير مجراه ومسعاه. المثلث: هناك من يعيش داخل المثلث ولا يحيد أبداً عن زواياه. مثلث (البيت - العمل - المقهى)، مثلاً، وتصير حياته انتقالاً روتينياً من زاوية إلى أخرى حيث تمر السنون في مشهد منسوخ عن الأمس ولا يطرأ جديد إلا في النادر. وأبناء المثلث هم المحافظون والتقليديون اللذين يتشبثون بالموجود والجاهز من دون سعي أو مغامرة أو قفزة جنون خلاقة. المربع: أيضاً بيننا من يعيشون في المربع. هؤلاء الذين تراهم بالصدفة أحياناً في غير مكانهم المعتاد. يغامرون قليلاً لاكتشاف خبايا الزاوية الرابعة لكن مسعاهم في الوجود يقودهم إلى تفضيل البقاء في السطح من غير حاجة أو رغبة لاكتشاف عمق وجوهر الأشياء وحقيقتها الأصلية. وفي المربع يعيش الجبان والمتردد والخائف والملدوغ والمطعون من الخلف. المستطيل: لذة الحياة أن تعيش في مستطيل طويل، وأن تنتمي لأولئك اللذين يعشقون عبور الجسور والأنهار بلا توقف نحو اللانهاية. ولا يهم أين الوصول ومتى، المهم هو تجاوز اللحظة والإمساك بخيط الزمن كي لا تتراجع الخطوة للوراء وكي لا يهرب المستقبل من مشهد الأمل. الهرم: القلة القليلة يختارون تسلق الهرم حيث لا مكان للاستراحة والتقاط الأنفاس سوى القمة الحادة التي لا تتسع لاثنين، وعلى جدار الهرم كل توقف معناه الانزلاق والسقوط، ولكي تسبق الآخرين عليك أن تجعل من حياتك صعوداً دائماً. هؤلاء لا تغريهم الأرض بملذاتها الزائلة ولا يجذبهم سوى الضوء المستحيل للنجمة الغارقة في غموضها الأبيض، فيظلون يتسلقون الصخرة والمنحدر والمنزلق متشبثين برغبة الارتقاء حتى لو كلف ذلك حياتهم. وينتمي إلى هذه الفئة الشاعر المغامر في اجتراح القصيدة المفتوحة بلا حدود، والعالم الذي يموت بسبب اكتشافاته، والفيلسوف النائم في سؤال الحقيقة التي لم يقلها أحد.
[/size][/size]