لا حدَّ سوف يقف عنده الإسرائيليون في محاولتهم طمس أي هوية تعترض طريقهم ، من أجل تحقيق نبوءتهم التاريخية ومزاعمهم الباطلة . هذا الذي يحلمون به - برغم بشاعته - ذو ايجابية واحدة ، فهو يفتح عيوننا في كل مرة على موضوع الهوية الأردنية ، ويدنينا من حقيقة تكمن في مكان آخر ؛ مكان نعبر فيه عن الهوية همسا ، ونؤجل الخوض في معالمها حتى إشعار آخر .. إشعار قد لا يأتي ، ما دامت البديهيات عندنا مخيفة ، والحساسية مفرطة ، والرؤية غائمة ، والمواقف نطنطة فوق الحبال .
الذين يريدون حماية الهوية عليهم أن يتحدثوا – وقد تأخروا سنوات طويلة – هذه المرة بمنتهى الصراحة والوضوح . فالتأجيل بات شكلا من أشكال الانتحار الوطني والإنساني . ومع افتراض حسن النية عند الجميع ، يبقى علينا أن نفكك المعطيات ونعيد ترتيبها من جديد ، كي نحمي الهوية ، ونلقي بمقترحات الكنيست وإلداد ، وأي حالم بوطن بديل ، في مزبلة التاريخ .
ثمة إشكالات كثيرة ، بل بديهيات مستثناة ومغيبة ، لا يستثنيها إلا نحن الذين يجيش في صدورنا اليوم همُّ الهوية . منها أن الهوية عندنا ما زالت عصية على الفهم بمعزل عن الدولة . والدولة – كما تعلمون - بنيان يقوم على ثلاث ركائز : أولها وأهمها الشعب ، ثم الأرض والسلطة . فإذا ما أدرك شعب ما أن وجوده وهويته يسبقان وجود الدولة ويمهدان لنشوئها ، علم متيقنا أن هويته هي الركن الأساس الذي تقاس كل الأشياء عبره ومن خلاله ، بما فيه الدولة نفسها ، ووجودها وعوامل استقرارها أو فنائها .
هذا الفهم البسيط ، الذي طوره المفكرون السياسيون إلى مفهوم ( العقد الاجتماعي ) ، يؤكد أن الشعب هو العامل الثابت ، بينما ماهية الدولة عامل متغير بتغير الزمان . فإذا ما افترضنا أن دولة ما قد قامت على غير هذا الأساس ، كان بديهيا أن هذه الدولة ليست أكثر من قوة طارئة على التاريخ ، وأن المنتمين إليها ليسوا سوى مجموعة من المرتزقة الذين يبقون ببقائها ويفنون عند أفول شمسها ، بلا هوية أو شخصية تبقي لهم مع الأيام ذكرا .
هنا على الأردنيين جميعا أن يتفقوا على كلمة سواء أولى تجاه هذا الفهم ، ليس خروجا على دولتهم - معاذ الله - بل تدعيما لوجودها ، فهم ركيزتها وعامل نمائها . وتدعيما لهويتهم كذلك ، لأنهم شعب ضاربة جذوره في أعماق التاريخ . وليس من المعقول أن تهتز هذه العراقة والجذور الضاربة أمام اقتراح تافه أقره الكنيست ودولة المرتزقة ، القائمة على الوهم والخرافات التوراتية البائدة .
وكي نكون صرحاء ، فان الحديث عن الأردنيين في النقطة السابقة يعني ما يُصطلح على تسميته بـ ( شرق الأردنيين ) . ومع التحفظ على الطريقة التي يُستخدم بها هذا المصطلح ، إلا انه ضروري هنا ، كي نعرف ما الذي نتحدث عنه تماما . فالشعب الذي أقام دولة الأردن الحديثة على أكتافه وفوق أرض آبائه وأجداده ، وقدم كل غال ونفيس من أجلها ، ممثلا بعشائره ونسيجه الاجتماعي المعروف ، ثم اختار قرار الوحدة مع الضفة الغربية بملء إرادته ، هذا الشعب هو الأجدر بأن تكون هويته هي روح الدولة ومعالمها وسماتها ، وصمام الأمان والنواة التي يلتف حولها الجميع .
هذا الكلام يصلنا بالنقطة الثانية مباشرة ، فالخوف المتفاقم من مؤامرة الوطن البديل وقيام دولة ذات أغلبية فلسطينية على تراب الأردن عبر تصفية قضية اللاجئين ، هذا الخوف لن يكون له مكان من الإعراب إذا اتفق الأردنيون جميعا ، بكافة أصولهم ومنابتهم ، على كلمة سواء ثانية ، تحافظ على النواة وصمام الأمان اللذين تحدثنا عنهما سابقا . لكن – هذه المرة - بمنتهى الوضوح والشفافية ، وطرحا للحق والحقيقة دون مواربة أو خجل . فالحديث عن حقوق الأردنيين من أصل فلسطيني شيء ، والنواة التي على الأردنيين جميعا أن يحافظوا عليها شيء آخر . فلا مكان في الأردن إلا لهوية واحدة ونقطة صلبة يرتكز عليها الجميع . هذا الكلام لا يعني تهميش الأردنيين من أي فئة ، ولا يعني طغيان عرق على عرق . بل يعني ببساطة أن من يريد استقرار هذا البلد وبقاءه صامدا خدمة للأردن ولقضية فلسطين معا ، فان عليه وقد اختار أن يكون أردنيا ، أن لا يسعى إلى تفجير المجتمع ، وأن يسلك أيسر السبل التي تضمن إبطال مخططات الإسرائيليين وغيرهم . فالعشائر الأردنية خط أحمر ودعم عزتها ومنعتها وبقائها رقما صعبا ومقدما في معادلة الأردن ، هو أقل واجب يقدمه الأردني – مهما كان أصله - تجاه الأردن حبا وإخلاصا ، وتجاه فلسطين وقضيتها .
عندئذ ، نستطيع أن نقول أننا شعب واحد ، بل شعب انصهرت مكوناته في بعضها ، فكان سدا منيعا أمام المؤامرات مهما كان حجم صانعيها .
تبقى نقطة أخيرة تخص شرق الأردنيين ، بعضهم لا كلهم . إذا كان التساهل في أمر الهوية جريمة كبرى ، فان تحويل الهوية إلى شوفينية محضة وهتلرية جديدة جريمة أكبر . فثمة من ينظرون بعين واحدة ولا يدركون أن الخطر الخارجي على الهوية أقل شأنا بكثير من الخطر الداخلي الذي تحييه دعاوى العنصرية وموقدو الفتنة . هذا الكلام ليس هدفه الإنشاء ، ولا نقوله علنا يخالف ما أسررنا في أنفسنا . نحن نعلم أن هناك فئة ترى الهوية شرق الأردنية عبئا يجب الخلاص منه ، إنهم بيننا لكنهم قلة مفضوحة على العلن ، ومآلهم كما إلداد وغيره ، مزبلة التاريخ ولعنته . الأردنيون جميعا بكل أصولهم وأطيافهم سواء وإخوة في الدم والمصير ، هذا واجب وحق تجاه وطننا وعروبتنا . لقد اختار آباؤنا وأجدادنا أن يكونوا أنصارا ، يحبون من هاجر إليهم ، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة . هذا اختيارهم وعهدهم ، وهذا ما يجب أن يمضي عليه جيلنا والأجيال القادمة من بعدنا . المطلب الوحيد الذي نصر عليه، ولا نرى وطنا ولا وجودا من غيره ، هو هويتنا وهوية أجدادنا وتراثنا ، هي الأردن والأردن هي . لا نريد أن نلغي الآخر ، بل نريده أخا وسندا ، يقينا ونقيه عثرات الزمان ونوائبه .
فلنبحث عن كلمة سواء تجمعنا وتحمينا جميعا ، ولتكن بيننا مكاشفة ومصارحة إلى ابعد الحدود . فبدون تحديد المفاهيم لا تتبلور هوية واضحة ، ولا يستقر كيان ودولة ، ولا يكون وطن ولا تاريخ ، ولا حتى حشد ولا رباط ، للذين يحلمون بيوم الحشد والرباط ويؤمنون حقا بصدق النبوة والنبوءة المحمدية .
الذين يريدون حماية الهوية عليهم أن يتحدثوا – وقد تأخروا سنوات طويلة – هذه المرة بمنتهى الصراحة والوضوح . فالتأجيل بات شكلا من أشكال الانتحار الوطني والإنساني . ومع افتراض حسن النية عند الجميع ، يبقى علينا أن نفكك المعطيات ونعيد ترتيبها من جديد ، كي نحمي الهوية ، ونلقي بمقترحات الكنيست وإلداد ، وأي حالم بوطن بديل ، في مزبلة التاريخ .
ثمة إشكالات كثيرة ، بل بديهيات مستثناة ومغيبة ، لا يستثنيها إلا نحن الذين يجيش في صدورنا اليوم همُّ الهوية . منها أن الهوية عندنا ما زالت عصية على الفهم بمعزل عن الدولة . والدولة – كما تعلمون - بنيان يقوم على ثلاث ركائز : أولها وأهمها الشعب ، ثم الأرض والسلطة . فإذا ما أدرك شعب ما أن وجوده وهويته يسبقان وجود الدولة ويمهدان لنشوئها ، علم متيقنا أن هويته هي الركن الأساس الذي تقاس كل الأشياء عبره ومن خلاله ، بما فيه الدولة نفسها ، ووجودها وعوامل استقرارها أو فنائها .
هذا الفهم البسيط ، الذي طوره المفكرون السياسيون إلى مفهوم ( العقد الاجتماعي ) ، يؤكد أن الشعب هو العامل الثابت ، بينما ماهية الدولة عامل متغير بتغير الزمان . فإذا ما افترضنا أن دولة ما قد قامت على غير هذا الأساس ، كان بديهيا أن هذه الدولة ليست أكثر من قوة طارئة على التاريخ ، وأن المنتمين إليها ليسوا سوى مجموعة من المرتزقة الذين يبقون ببقائها ويفنون عند أفول شمسها ، بلا هوية أو شخصية تبقي لهم مع الأيام ذكرا .
هنا على الأردنيين جميعا أن يتفقوا على كلمة سواء أولى تجاه هذا الفهم ، ليس خروجا على دولتهم - معاذ الله - بل تدعيما لوجودها ، فهم ركيزتها وعامل نمائها . وتدعيما لهويتهم كذلك ، لأنهم شعب ضاربة جذوره في أعماق التاريخ . وليس من المعقول أن تهتز هذه العراقة والجذور الضاربة أمام اقتراح تافه أقره الكنيست ودولة المرتزقة ، القائمة على الوهم والخرافات التوراتية البائدة .
وكي نكون صرحاء ، فان الحديث عن الأردنيين في النقطة السابقة يعني ما يُصطلح على تسميته بـ ( شرق الأردنيين ) . ومع التحفظ على الطريقة التي يُستخدم بها هذا المصطلح ، إلا انه ضروري هنا ، كي نعرف ما الذي نتحدث عنه تماما . فالشعب الذي أقام دولة الأردن الحديثة على أكتافه وفوق أرض آبائه وأجداده ، وقدم كل غال ونفيس من أجلها ، ممثلا بعشائره ونسيجه الاجتماعي المعروف ، ثم اختار قرار الوحدة مع الضفة الغربية بملء إرادته ، هذا الشعب هو الأجدر بأن تكون هويته هي روح الدولة ومعالمها وسماتها ، وصمام الأمان والنواة التي يلتف حولها الجميع .
هذا الكلام يصلنا بالنقطة الثانية مباشرة ، فالخوف المتفاقم من مؤامرة الوطن البديل وقيام دولة ذات أغلبية فلسطينية على تراب الأردن عبر تصفية قضية اللاجئين ، هذا الخوف لن يكون له مكان من الإعراب إذا اتفق الأردنيون جميعا ، بكافة أصولهم ومنابتهم ، على كلمة سواء ثانية ، تحافظ على النواة وصمام الأمان اللذين تحدثنا عنهما سابقا . لكن – هذه المرة - بمنتهى الوضوح والشفافية ، وطرحا للحق والحقيقة دون مواربة أو خجل . فالحديث عن حقوق الأردنيين من أصل فلسطيني شيء ، والنواة التي على الأردنيين جميعا أن يحافظوا عليها شيء آخر . فلا مكان في الأردن إلا لهوية واحدة ونقطة صلبة يرتكز عليها الجميع . هذا الكلام لا يعني تهميش الأردنيين من أي فئة ، ولا يعني طغيان عرق على عرق . بل يعني ببساطة أن من يريد استقرار هذا البلد وبقاءه صامدا خدمة للأردن ولقضية فلسطين معا ، فان عليه وقد اختار أن يكون أردنيا ، أن لا يسعى إلى تفجير المجتمع ، وأن يسلك أيسر السبل التي تضمن إبطال مخططات الإسرائيليين وغيرهم . فالعشائر الأردنية خط أحمر ودعم عزتها ومنعتها وبقائها رقما صعبا ومقدما في معادلة الأردن ، هو أقل واجب يقدمه الأردني – مهما كان أصله - تجاه الأردن حبا وإخلاصا ، وتجاه فلسطين وقضيتها .
عندئذ ، نستطيع أن نقول أننا شعب واحد ، بل شعب انصهرت مكوناته في بعضها ، فكان سدا منيعا أمام المؤامرات مهما كان حجم صانعيها .
تبقى نقطة أخيرة تخص شرق الأردنيين ، بعضهم لا كلهم . إذا كان التساهل في أمر الهوية جريمة كبرى ، فان تحويل الهوية إلى شوفينية محضة وهتلرية جديدة جريمة أكبر . فثمة من ينظرون بعين واحدة ولا يدركون أن الخطر الخارجي على الهوية أقل شأنا بكثير من الخطر الداخلي الذي تحييه دعاوى العنصرية وموقدو الفتنة . هذا الكلام ليس هدفه الإنشاء ، ولا نقوله علنا يخالف ما أسررنا في أنفسنا . نحن نعلم أن هناك فئة ترى الهوية شرق الأردنية عبئا يجب الخلاص منه ، إنهم بيننا لكنهم قلة مفضوحة على العلن ، ومآلهم كما إلداد وغيره ، مزبلة التاريخ ولعنته . الأردنيون جميعا بكل أصولهم وأطيافهم سواء وإخوة في الدم والمصير ، هذا واجب وحق تجاه وطننا وعروبتنا . لقد اختار آباؤنا وأجدادنا أن يكونوا أنصارا ، يحبون من هاجر إليهم ، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة . هذا اختيارهم وعهدهم ، وهذا ما يجب أن يمضي عليه جيلنا والأجيال القادمة من بعدنا . المطلب الوحيد الذي نصر عليه، ولا نرى وطنا ولا وجودا من غيره ، هو هويتنا وهوية أجدادنا وتراثنا ، هي الأردن والأردن هي . لا نريد أن نلغي الآخر ، بل نريده أخا وسندا ، يقينا ونقيه عثرات الزمان ونوائبه .
فلنبحث عن كلمة سواء تجمعنا وتحمينا جميعا ، ولتكن بيننا مكاشفة ومصارحة إلى ابعد الحدود . فبدون تحديد المفاهيم لا تتبلور هوية واضحة ، ولا يستقر كيان ودولة ، ولا يكون وطن ولا تاريخ ، ولا حتى حشد ولا رباط ، للذين يحلمون بيوم الحشد والرباط ويؤمنون حقا بصدق النبوة والنبوءة المحمدية .