في المملكة القديمة (2585 ق.م. – 2134 ق.م.) كان الفنانون المصريون ينقشون باللغة الهيروغليفية على جدران حجرة الدفن للمومياء الملكية نصوصا عبارة عن تعليمات وتراتيل يقومون بتلاوتها أمام الآلهة وتعاويذ لتحرسه في ممره لما بعد الحياة، عرفت هذه النصوص بنصوص الأهرام (Pyramid Texts). وإبان عصر هذه المملكة القديمة بنيت الأهرامات الكبيرة من الحجر لكن مع مرور الزمن قل حجمها، لأنها كانت مكلفة.
لهذا نجدها في المملكة الوسطى (2630 ق.م. – 1640 ق.م.) تبنى بالطوب اللبني من الطبن، وكانت أضلاع الأهرام الأربعة تتعامد مع الجهات الأصلية الأربعة (الشمال والجنوب والشرق والغرب).
شيدت معظم الأهرامات بالصحراء غربي النيل بحيث تغرب الشمس من خلفها، لأن قدماء المصريين كانوا يعتقدون أن روح الملك الميت تترك جسمه لتتجول بالسماء مع الشمس كل يوم، وعندما تغرب الشمس تعود الروح الملكية لمقبرتها بالهرم لتجدد نفسها. وكانت مداخل الأهرامات في وسط الواجهة الشمالية من الهرم، ويرتفع مدخل الهرم الأكبر 17 مترا من فوق سطح الأرض حيث يؤدي لممر ينزل لغرفة دفن الملك.
تغير تصميم الأهرامات مع الزمن، لكن مدخلها ظل يقام جهة الشمال ليؤدي لممر ينزل لأسفل وأحيانا يؤدي لغرفة دفن الملك التي كانت تشيد في نقطة في مركز قاعدة الهرم، أحيانا كانت تقام غرف مجاورة لغرفة الملك لتخزبن مقتنياته والأشياء التي سيستخدمها في حياته الأخروية ومن بينها أشياء ثمينة، مما كان يعرضها للنهب والسرقة. وكان الهرم يبني حوله معابد وأهرامات صغيرة داخل معبد للكهنة وكبار رجال الدولة، وكان متصلا بميناء على شاطيء نهر النيل ويتصل به عدة قنوات، وكان يطلق عليه معبد الوادي الذي كان موصولا بالهرم بطريق طويل مرتفع ومسقوف للسير فيه، وكان هذا الطريق يمتد من الوادي خلال الصحراء ليؤدي لمعبد جنائزي يطلق عليه معبد الهرم وكان يتصل بمركز الواجهة الشرقية للهرم الذي كان يضم مجموعة من الأهرامات من بينها أهرامات توابع وأهرامات الملكات، وكانت هذه الأهرامات التوابع أماكن صغيرة للدفن ولايعرف سرها، وكان بها تماثيل تمثل ك(روح) الملك. وكانت أهرامات الملكات صغيرة وبسيطة وحولها معابد صغيرة وكانت مخصصة لدفن زوجاته المحببات له. ويطلق على هرم الملك خوفو الهرم الأكبر حيث يقع في الصحراء غرب الجيزة في مصر وبجواره هرما الملك خفرع(ابن خوفو) والملك منقرع (حفيد خوفو)، وكانت طريقة الدفن قد بدأت لدى قدماء المصريين من المقابر قديما إلى الأهرامات ما بين سنة 2920 ق.م. إلى سنة 2770 ق.م. ومنذ عام 2770 ق.م. – 2649 ق.م. كان الملوك يدفنون في بلدة أبيدوس في قبور عبارة عن جدران من الطوب فوقها مصطبة من الرمل وفي سنة 2649 ق.م. حتى سنة 2575 ق.م. كان الملوك يدفنون تحت مصطبة من الطوب اللبن، لكن الملك زوسر الذي حكم من سنة 2630 ق.م. حتى 2611 ق.م. بني هرمه المدرج بسقارة وهو عبارة عن مصطبة مربعة مساحتها كبيرة ويعلوها مصاطب متدرجة المساحة مكونة هرما يعلوها ويتكون من 6 مصاطب، وقد صممه الوزير المعماري أمنحتب. ثم أخذ الملوك يبنون مصاطبهم من الحجارة. وأول من بني هرما حقيقيا كان الملك سنفرو في بلدة دهشور ما بين سنتي 2465 ق.م. و 2323 ق.م. وأخذت الأهرامات الملكية لايهتم ببنائها جيدا. وفي عهد المملكة الحديثة 1550 ق.م. – 1070 ق.م. لم يعد ملوكها يدفنون في الأهرامات ونقلوا موقع مقابر الدفن في وادي الملوك حيث عاصمتهم الجديدة الأقصر (طيبة).
وكان الشكل الهرمي قد أقيم في بلاد مابين النهرين والمايا بالمكسيك وأمريكا الوسطى. وفي بلاد مابين النهرين ظهرت الزقورات (الزجورات ziggurat). ولقد إكتشفت الأهرامات الجنائزية المتدرجة بإقليم التاي (الطاي Altai) بسيبيريا وترجع للقرن الرابع ق.م. وكان الرومان قد أقاموا مقابر هرمية صغيرة أشهرها هرم سيستيس Cestius (ق.م. – 12 ق.م.) بروما وقد بني من الخرسانة وواجهته مبطنة بالرخام وارتفاعه 35 مترا وفيه بداخله مقبرة.
أهرامات أمريكا الوسطى
واشتهرت أمريكا الوسطي ببناء الأهرامات المدرجة كما في حضارات المايا والإنكا والأزتك. وكانت المايا تمارس عادة التضحية فوق الأهرامات الحجرية المشيدة في ساحات الإحتفالية الدينية وكان يلحق بها سلالم مدرجة تؤدي للمعبد فوق بناية الهرم حيث يوجد المذبح، وكان يعتبر المعبد بيت راحة للإله، وكان مزخرفا بالنقش الغائر أو مرسوما بتصميمات وأشكال متقنة، وهو مغط ببلاطة حجرية رأسية منقوشة أيضا، يطلق عليها عرف السقف roof comb، وواجهة المعبد مزينة بنتواءات لأقواس حجرية corbeled arches مميزة، وكان كل قوس يشيد من الحجر، وكل حجرة كانت تمتد وراء الحجرة التي تحتها، وجانبا القوس كان يرتبطان بحجر العقد keystone فوقهما، وكان أمام المذبح يطلق دخان البخورالذي كان يحرق في مباخر فخارية. وكان المتعبدون يقدمون العطايا من الذرة والفاكهة وطيور الصيد والدم الذي كان المتعبد يحصل عليه بثقب شفتيه أو لسانه أو عضوه التناسلي بمخراز، وللتكريم الاسمي كان المايا يقدمون الضحايا البشرية من الأطفال والعبيد وأسرى الحرب، وكان الضحية يدهن باللون الأزرق وكان يقتل فوق قمة الهرم في إحتفالية طقوسية بضربه بالسهام حتى الموت أو بعد تكتيف (وثوق) الساعدين والساقين بينما الكاهن يشق صدره بسكين مقدس من حجر الصوان لينتزع القلب ليقدم كقربان.