نحن القوة الاولى ........ قد يتهمنا البعض بالخيال واللاواقعية عند قراءة هذا العنوان...... فلا يتصور أن القوة الأولى في هذا العصر المهيمنة على العالم سيكون مصيرها الإنهيار. والولايات المتحدة القوة العظمى التي تملك أقوى جيش في العالم مزود بأحدث ترسانة من الأسلحة التقليدية والنووية والبيولوجية ولديها المئات من الصواريخ العابرة للقارات بالإضافة إلى التطور الإِقتصادي الذي يجعلها على قمة الدول الصناعية في العالم بما لديها من تقدم وتطور تكنولوجي حتى استطاع الأمريكيون غزو الفضاء ! ! هذه هي النظرة الواقعية لكثير من الناس أسيري الدعاية والإِعلام....... صغار العقول وبنظرة تأملية ..... يخبرنا المولى عز وجل ..... ومن أصدق من الله حديثا...... في كتابه الكريم عن حضارات وأمم كانت في عصرها أشد قوة وأثارةً وتعميرا في الأرض ومع ذلك كان مصيرها الفناء والزوال عندما طغى أصحابها وكفروا بالله تعالى ولم يؤدوا حق الشكر على النعمة { وعادا وثمودا وقد تبين لكم مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين، فكلا أخذنا بذنبه فمنم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون }. ولا نقصد بعبارة، أمريكا إلى زوال، انهيار ناطحات السحاب وتدمير الجسور وتحطيم السيارات الفارهة، وإن كان هذا كله غير مستبعد وما زلزال لوس انجلوس الذي وقع في يناير 1995 م منهم ببعيد الذي حول معظم أرجاء المدينة الصاخبة إلى حطام ودمار في خلال عشرين ثانية فقط، ولكن ما نقصده من زوال أمريكا هو انهيار الغطرسة والهيمنة الأمريكية وتحولها إلى قزم اقتصادي يستجدي المساعدات والمعونات بعد إصابة الإنسان الأمريكي باليأس والاحباط فيسعى بنفسه ليدمر بيديه كل شيء. ...... صدر في نيويورك مؤخرا كتاب بعنوان نحن القوة الأولى .... أين تقف أمريكا وأين تسقط في النظام الجديد ..... للكاتب الأمريكي أندرواشابيرو أوضح فيه مواطن الضعف وملامح الانهيار في بنية المجتمع الأمريكي في كافة المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتعليمية وغيرها، واتسم المؤلف بموضوعيته في الطرح وشموليته في عرض القضايا الموثقة بالأرقام والإحصاءات، فأحدث الكتاب دوياً هائلا وهز المجتمع الأمريكي بقوة أيقظته بفزع من الأحلام النرجسية التي بناها السياسييون على إثر انتصارهم في حرب الخليج وسقوط الشيوعية، وأنهم قد نجحوا في بناء المجتمع الأفلاطوني المنشود !! يقول المؤلف في مقدمة كتابه : في السنة التي أعقبت انتصارنا في حرب الخليج وسقوط الشيوعية عادت مقولة - نحن القوة الأولى - إلى الأمريكيين مرة أخرى، وقد أكد الرئيس السابق جورج بوش أن أمريكا القوة التي لا تهزم!! وقالت صحيفة نيويورك تايمز : إننا لا نزال القوة الأولى !! ثم يعلق المؤلف على هذا الكلام فيقول : ولأن اقتصادنا ينهار والعناية الصحية أصبحت قضية خطيرة في مجتمعنا وثقتنا في الحكومة والقادة السياسيين بدأت تتلاشى، فإن الشعب الأمريكي بدأ الآن يتساءل هل لا تزال الولايات المتحدة القوة الأولى حقيقة؟! ثم يجيب المؤلف فيقول : " الحقيقة إننا القوة الأولى ولكن ليس بالطريقة التي يريد السياسيون والخبراء أن نفكر بها، إن الولايات المتحدة على سبيل المثال هي الدولة الأولى التي تضم عدداَ كبيرا من المليونيرات وأصحاب أموال في العالم ولكن أمريكا هي الدولة الأولى التي يعيش بها أكبر عدد من أطفالها فقرا مدقعا من بين سكان سبع عشرة دولة صناعية تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى في عدد الوفيات والموت الجماعي للأطفال الرضع، والولايات المتحدة دولة غنية وفقيرة في الوقت نفسه، متقدمة طبيا لكن الشعب يعاني من أمراض مزمنة، متقدمة علميا لكن الشعب ليس مثقفا، بإختصار فإن كثير من الشعارات التي نرفعها تناقض حقيقتنا وواقعنا" واختار المؤلف تسع عشرة دولة ليجري المقارنة بينها وبين الولايات المتحدة لتشابه هذه الدول مع أمريكا في التقدم الإقتصادي ونمط الحياة الإجتماعية، هذه الدول هي : كندا واستراليا وفرنسا وانجلترا والمانيا واليابان والسويد والدانمرك وسويسرا والنمسا والنرويج وبلجيكا وإيطاليا وفنلندا وإيرلندا وأسبانيا ونيوزيلندا وهولندا ولوكسمبورج. ولكي نقترب من الصورة أكثر نوضح هذا المثل : كان الأمريكيون يعتزون برمز الصناعة الأمريكية وهي شركة "جنرال موتورز" للسيارات التي أطلقوا من أجلها تلك النكتة : إذا عطست "جنرال موتورز" أصيب العالم بزكام !! هذه النكتة لم تعد مضحكة أبدا بل أصبحت تثير الإشمئزاز والسخرية، فشركة " جنرال موتورز" لم تعد يصيبها الزكام فقط بل والشلل أيضا، فقد تقرر إغلاق مصانعها في ولاية ميتشجان، وبالتالي توقف إنتاج ملايين السيارات التي كانت تغرق الأسواق العالمية بسبب غزو الشركات اليابانية لأسواقها وفي عقر دارها وبذلك تحولت ورش إنتاج هذه المصانع إلى أماكن مريحة للجرذان والحشرات وتعرض 74 ألف ما بين مهندس وإداري وعامل إلى الفصل من الشركة بالإضافة إلى خسائر بلغت 4،5 مليار دولار. وكاتب آخر هو ولاس بتارسن في كتابه "الإنهيار الصامت للولايات المتحدة " يدلل على الحقيقة المفجعة للأمريكان بالأرقام فيقول : "إن المؤشرات على الانخفاض المستمر فى مداا في مداخيل الأمركيين هو تحولهم التدريجي نحو الفقر بمنحنى ثابت، فالدخل الأسبوعي الحقيقي للعامل أصبح في عام 1995 أقل من 19.1% مما كان عليه في عام 1973م والزيادة السنوية لدخل الأسرة الأمريكية أصبحت 0.004 % مقابل 2.27 % سنويا 1973م وفي ميدان الإنتاج انخفضت قيمة الإنتاج الزراعي عام 1982م ومازال الإنتاج في التقاعدية إلى النصف عما كانت عليه في الستينات " وفي دراسة أعدتها وزارة النقل أوضحت أن " تدهور الطرق يسبب فقدان 722 مليون ساعة وسيصل الرقم إلى 9،3 مليار ساعة في عام 2005م ". أما الميزانية العامة للولايات المتحدة فهي دائما في عجز وأفضل مرة بلغ فيها العجز كان في الثمانينات حيث بلغ 160 مليار دولار!! والرقم في تصاعد مستمر، وفي دراسة أعدها الكونجرس أوضحت أن فائض الإنتاج التكنولوجي تراجع من 27 مليار دولار في عام 1980م إلى 4 مليار عام 1985 م ويتجه إلى العجز الحاد، وبلغ العجز في الميزان التجاري خلال شهر يوليو 1996 م - أي في خلال شهر واحد فقط – 10.9 مليار دولار لانخفاض الصادارت وارتفاع الواردات، بينما بلغ العجز مع اليابان وحدها 5.67 مليار دولار خلال نفس الشهر. وكتب مراسل صحيفة (( الفايننشال تايمز )) البريطانية في واشنطن بعد معركة الرئاسة بين بوش وكلينتون يقول : إن الأمريكي في غاية القلق، والقلق هو أحد ملامح العصر الأمر الأمريكي الحالي، إن المجتمع الأمريكي لديه كافة مقومات الانهيار والفوضى في جميع النواحي، تدهور إقتصادي، وانهيار إجتماعي وفساد وانحلال خلقي، مؤشرات ذلك في إرتفاع معدلات الجريمة والإباحية والمخدرات، وقد عبر مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي السابق رجنيو بريجينسكي في كتابه "خارج نطاق السيطرة "، بقوله : "إن الخواء الروحي أفقد أمريكا تماسكها وقدرتها على استقطاب العالم. وإن الخطر الذي يتهدد أمريكا خطر كل شيء مباح " حتى تلك الجرائم الشاذة مثل الإعتداء الجنسي على الأطفال لم تعد محصورة في فئات معينة بل امتدت إلى المشاهير ومنهم المغنى المشهور مايكل جاكسون والدكتور ودانيا جادوسيك الحائز على جائزة نوبل في العلوم !! وكان جادوسيك الذي يعمل بالمعهد الوطني للصحة يجلب العشرات من الأطفال من البلاد النامية إلى الولايات المتحدة لممارسة عادته الدنيئة! وفي نوفمبر1995 م أعلن الاتحاد الأمريكي للمعلمين أن نحو 35 ألف تلميذ يذهبون إلى المدارس يوميا وهم يحملون معهم أسلحة نارية وأن حوادث العنف المسلحة التي يرتكبها هؤلاء التلاميذ زادت بنسبة 124 % خلال السنوات الخمس الماضية وأوضح الخبراء أن سبب ذلك يرجع إلى أفلام العنف وتفكيك الأسرة وتوافر السلاح !! وامتد الفساد إلى حماة القانون !! ظهر ذلك في العلاقات الحميمة التي تربط عصابات الإجرام والمخدرات مع كبار المسؤوليين في جهازي القضاء والشرطة من خلال تلفيق القضايا مثلما حدث فى نيوأورلينز التي وصل فيها الفساد إلى ذروته عندما قتلت شاهدة بأمر مفتش الشرطة في13/10/1994 م حتى يتم التغطية على الجرائم التي يمارسها القائمون على القانون !! أما في لوس أنجلوس فلم يتغير شيئ منذ الأحداث العنصرية التي وقعت عام 1992 م عندما برأت المحكمة أربعة ضباط الشرطة انهالوا بالضرب المبرح على شاب أسود حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. ويقول وزير العدل فى ولاية بنسلفانيا لين ابراهام أن جذور التجاوزات تمتد إلى الشارع، حيث يمارس رجال الشرطة سلطة لا تخضع لأي رقابة !! أما عن شرب الخمر وتعاطي المخدرات فقد أعلنت إدارة خدمات الصحة العقلية في دراسة لها نشرت في نهاية سبتمبر العام الماضي أن عدد الفتيات اللاتي يتراوح أعمارهن بين العشر وأربعة عشر عاما قد تزايد أعدادهن على شرب الخمر وتعاطي المخدرات وشكلت نسبتهن 31 %. |
ازرار التصفُّح
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
احصائيات
أعضاؤنا قدموا 8032 مساهمة في هذا المنتدى في 1816 موضوع
هذا المنتدى يتوفر على 103 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو دكتور فمرحباً به.
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
التبادل الاعلاني
نحن القوة الاولى
عبد السلام- مشرف المنتدى الثقافي
- عدد المساهمات : 2355
تاريخ التسجيل : 31/05/2009
العمر : 61
الموقع : فلسطين
- مساهمة رقم 1